وهذه المواضع اشتبهت على كثير من الناس، وقد تكلم فيها الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره، وتكلموا في إضافة الكلام والروح ومناظرة الجهمية والنصارى. وقد سئلت عن ذلك من جهة الحلولية تارة ومن جهة المعطلة تارة. والسائلون تارة من أهل القبلة وتارة من غير أهلها. وقد بسط جواب ذلك في غير موضع. لكن المقصود هنا أن الفارق بين المضافين : أن المضاف إن كان شيئًا قائمًا بنفسه أو حالًا في ذلك القائم بنفسه، فهذا لا يكون صفة لله؛ لأن الصفة قائمة بالموصوف. فالأعيان التي خلقها الله قائمة بأنفسها، وصفاتها القائمة بها تمتنع أن تكون صفات الله، فإضافتها إليه تتضمن كونها مخلوقة مملوكة، لكن أضيفت لنوع من الاختصاص المقتضي للإضافة لا لكونها صفة. والروح الذي هو جبريل من هذا الباب، كما أن الكعبة والناقة من هذا الباب، ومال الله من هذا الباب، وروح بني آدم من هذا، وذلك كقوله :﴿ فَأَرْسَلْنَا إليها رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سويا ﴾ [ مريم : ١٧ ]، ﴿ فَإِذَا سويتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ﴾ [ الحجر : ٢٩ ]، ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ ﴾ [ الحج : ٢٦ ]، ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾ [ الشمس : ١٣ ]، ﴿ مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [ الحشر : ٧ ].
وأما إن كان المضاف إليه لا يقوم بنفسه، بل لا يكون إلا صفة كالعلم والقدرة والكلام والرضا والغضب، فهذا لا يكون إلا إضافة صفة إليه، فتكون قائمة به ـ سبحانه ـ فإذا قيل :( أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك )، فعلمه صفة قائمة به، وقدرته صفة قائمة به. وكذلك إذا قيل :( أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك )، فرضاه وسخطه قائم به، وكذلك عفوه وعقوبته.