ولكن هذا السؤال يتصور عنده في الصفات المتعددة كالعلم والقدوة، فيقال : أيها أفضل ؟ فإن كان قال : إن صفات الرب لا تتفاضل؛ لأن مقتضي الأفضل نقص المفضول عنه، فإنما يستقيم هذا الجواب في هذه الصفات المتعددة لا في نفس الكلام، مع أن هذا النقل عن الأشعري في نفي تفاضل الصفات غير محرر، فإن الأشعري لم يقل : إن الصفات لا تتفاضل، بل هذا خطأ عليه، ولكن هو يقول : إن الكلام لا يدخله التفاضل كما لا يدخله التماثل؛ لأنه واحد عنده، لا لما ذكر. وأما الصفات المتعددة؛ فإنه قد صرح بأنها ليست متماثلة، ومذهبه أن الذات ليست مثل الصفات، ولا كل صفة مثل الأخرى، فهو لا يثبت تماثل المعاني القديمة عنده فكيف يقال ـ على أصله ـ ما يوجب تماثلها، وإذا امتنع من إطلاق التفاضل، فهو كامتناعه من إطلاق لفظ التماثل، وكامتناعه من إطلاق لفظ التغاير ؟ ! وفي الجملة، فمن نقل عنه أنه نفي التفاضل وأثبت التماثل، فقد أخطأ، /لكن قد لا يطلق لفظ التفاضل كما لا يطلق لفظ التماثل، لا لأن الصفات متماثلة عنده، بل هو ينفي التماثل لعدم التعدد، ولعدم إطلاق التغاير، كما يقال : هل يقال : الصفات مختلفة أم لا ؟ وهل هي متغايرة أم لا ؟ وهل يقال في كل صفة : إنها الذات أو غيرها، أو لا يجمع بين نفيهما، وإنما يفرد كل نفي منهما، أو لا يطلق شيء من ذلك ؟ فهذه الأمور لا اختصاص لها بهذه المسألة ـ مسألة التفضيل.


الصفحة التالية
Icon