قلت : الاشتقاق يشهد للقولين جميعًا قول من قال : إن ﴿ الصَّمَدُ ﴾ : الذي لا جوف له، وقول من قال : إنه السيد. وهو على الأول أدل؛ فإن الأول أصل للثاني، ولفظ ﴿ الصَّمَدُ ﴾ يقال على ما لا جوف له في اللغة. قال يحيي بن أبي كثير : الملائكة صمد والآدميون جوف. وفي حديث آدم أن إبليس قال عنه : إنه أجوف ليس بصمد. وقال الجوهري : المصمد لغة في المصمت، وهو الذي لا جوف له. قال : والصماد : عفاص القارورة. وقال الصَّمْدُ : المكان المرتفع الغليظ. قال أبو النجم :
يغادر الصمد كظهر الأجزل وأصل هذه المادة : الجمع والقوة، ومنه يقال : يصمد المال، أي يجمعه، وكذلك [ السيد ] أصله سيود، اجتمعت ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمت. كما قيل : ميت وأصله ميوت. والمادة في السواد والسؤدد تدل على الجمع، واللون الأسود هو الجامع للبصر. وقد قال تعالي :﴿ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا ﴾ [ آل عمران : ٣٩ ]، قال أكثر السلف :﴿ وَسَيِّدًا ﴾ : حليمًا. وكذلك يروي عن الحسن، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء، وأبي الشعثاء، والربيع بن أنس، ومقاتل. وقال أبو روق عن الضحاك : إنه الحسن الخلق. وروي سالم عن سعيد بن جبير أنه التقي، ولا يسود الرجل الناس حتى يكون في نفسه مجتمع الخلق ثابتًا. /وقال عبد الله بن عمر : ما رأيت بعد رسول الله ﷺ أسود من معاوية، فقيل له : ولا أبو بكر، ولا عمر، قال : كان أبو بكر وعمر خيرًا منه، وما رأيت بعد رسول الله ﷺ أسود من معاوية. قال أحمد بن حنبل : يعني به الحليم، أو قال : الكريم؛ ولهذا قيل :
إذا شئت يومًا أن تسود قبيلة ** فبالحلم سد لا بالتسرع والشتم


الصفحة التالية
Icon