ولهذا فسر طائفة من السلف السيد بأنه سيد قومه في الدين. وقال ابن زيد : هو الشريف. وقال الزجاج : الذي يفوق قومه في الخير. وقال ابن الأنباري : السيد هنا الرئيس، والإمام في الخير. وعن ابن عباس ومجاهد : هو الكريم على ربه. وعن سعيد بن المسيب : هو الفقيه العالم. وقد تقدم أنهم يقولون لعفاص القارورة : صماد. قال الجوهري : العِفَاصُ : جلدٌَ يلْبَسهُ رأسُ القارورة، وأما الذي يدخل في فمه فهو الصمام وقد عفصت القارورة، شددت عليها العفاص.
قلت : وفي الحديث الصحيح عن النبي ﷺ في اللقطة :( ثم اعرف عفاصها ووكاءها ). والمراد بالعفاص : ما يكون فيه الدراهم كالخرقة التي تربط فيها الدراهم، والوكاء : مثل الخيط الذي يربط به، وهذا من جنس عفاص القارورة. ولفظ العفص والسد والصمد والجمع/والسؤدد معانيها متشابهة، فيها الجمع والقوة : ويقال : طعام عفص وفيه عفوصة، أي : تقبض، ومنه العفص الذي يتخذ منه الحبر.
وقد قال الجوهري : هو مولد ليس من كلام أهل البادية. وهذا لا يضر؛ لأنه لم يكن عندهم عفص يسمونه بهذا الاسم، لكن التسمية به جارية على أصول كلام العرب، وكذلك تسميتهم لما يدخل في فمها صمام، فإن هذه المادة فيها معني الجمع والسد.
قال الجوهري : صمام القارورة سدادها، والحجر الأصم : الصلب المصمت، والرجل الأصم : هو الذي لا يسمع؛ لانسداد سمعه، والرجل الصمة : الشجاع، والصمة : الذكر من الحيات، وصميم الشيء : خالصة، حيث لم يدخل إليه ما يفرقه ويضعفه، يقال : صميم الحر، وصميم البرد، وفلان من صميم قومه، والصمصام : الصارم القاطع الذي لا ينثني، وصمم في السير وغيره، أي : مضي، ورجل صم، أي : غليظ.