فهم إنما سموا السيد من الناس صمدًا؛ لما فيه من المعنى الذي لأجله يقصده الناس في حوائجهم، فليس معني السيد في لغتهم معني إضافي فقط ـ كلفظ القرب والبعد ـ بل هو معني قائم بالسيد؛ لأجله يقصده الناس. والسيد من السؤدد والسواد. وهذا من جنس السداد في الاشتقاق الأكبر، فإن العرب تعاقب بين حرف العلة والحرف المضاعف، كما يقولون : تقضي البازي، وتقضض. والساد : هو الذي يسد غيره، فلا يبقي فيه خلو، ومنه سداد القارورة، وسداد الثغر بالكسر فيهما، وهو ما يسد ذلك، ومنه السَّداد ـ بالفتح ـ وهو الصواب، ومنه القول السديد. قال/ الله تعالى :﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [ الأحزاب : ٧٠ ]، قالوا : قصدا حقًا، وعن ابن عباس : صوابًا. وعن قتادة ومقاتل : عدلا. وعن السدي : مستقيمًا. وكل هذه الأقوال صحيح، فإن القول السديد هو المطابق الموافق، فإن كان خبرًا، كان صدقًا مطابقًا لمخبره، لا يزيد ولا ينقص، وإن كان أمرًا، كان أمرًا بالعدل الذي لا يزيد ولا ينقص؛ ولهذا يفسرون السداد بالقصد، والقصد بالعدل.
قال الجوهري : التسديد : التوفيق للسداد ـ وهو الصواب ـ والقصد في القول والعمل. ورجل مسدد إذا كان يعمل بالسداد والقصد. والمسدد : المقوم، وسدد رمحه. وأمر سديد وأسد، أي : قاصد. وقد استد الشيء، استقام. قال الشاعر :
أعلمه الرماية كل يوم ** فلما استد ساعده رماني