قال الله تعالى :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾، فأدخل اللام في الصمد، ولم يدخلها في أحد؛ لأنه ليس في الموجودات ما يسمي أحدًا في الإثبات مفردًا غير مضاف إلا الله ـ تعالى ـ بخلاف النفي وما في معناه، كالشرط والاستفهام، فإنه يقال : هل عندك أحد ؟ وإن جاءني أحد من جهتك أكرمته، وإنما استعمل في العدد المطلق، يقال : أحد، اثنان. ويقال : أحد عشر. وفي أول الأيام يقال : يوم الأحد، فإن فيه ـ على أصح القولين ـ ابتدأ الله خلق السموات والأرض وما بينهما. كما دل عليه القرآن والأحاديث الصحيحة، فإن القرآن أخبر في غير موضع : أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام. وقد ثبت في الحديث الصحيح المتفق على صحته : أن آخر المخلوقات كان آدم، خلق يوم الجمعة. وإذا كان آخر الخلق كان يوم الجمعة دل على أن أوله كان يوم الأحد؛ لأنها ستة.
وأما الحديث الذي رواه مسلم في قوله :( خلق الله التربة يوم السبت ) فهو حديث معلول، قدح فيه أئمة الحديث كالبخاري وغيره، /قال البخاري : الصحيح أنه موقوف على كعب، وقد ذكر تعليله البيهقي ـ أيضًا ـ وبينوا أنه غلط ليس مما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مما أنكر الحذاق على مسلم إخراجه إياه، كما أنكروا عليه إخراج أشياء يسيرة. وقد بسط هذا في مواضع أخر، وقد ذكر أبو الفرج ابن الجوزي في قوله تعالى :﴿ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ﴾ [ فصلت : ٩ ]، قال ابن عباس : خلق الأرض في يوم الأحد والإثنين، وبه قال عبد الله بن سلام والضحاك ومجاهد وابن جريج والسدي والأكثرون. وقال مقاتل : في يوم الثلاثاء والأربعاء.


الصفحة التالية
Icon