وهذا وإن كان متناولاً قطعًا لكفار العرب الذين قالوا هذا وهذا، كما قال تعالى :﴿ وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ﴾ إلى قوله :﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شيئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ﴾ [ مريم : ٨٨ : ٩٠ ]، فذكر اللّه هذا وهذا، فتناول النصوص لهؤلاء بطريق الأولى، فإن هؤلاء ينكرون الإعادة والابتداء ـ أيضًا ـ فلا يقولون : إن اللّه ابتدأ خلق السموات والأرض، ولا كان للبشر ابتداء أولهم آدم، وأما شتمهم إياه بقولهم : اتخذ ولدًا، فهؤلاء عندهم الفلك كله لازم له معلول له، أعظم من لزوم الولد والده، والوالد له اختيار وقدرة في حدوث الولد منه، وهؤلاء عندهم ليس للّه مشيء ة وقدرة في لزوم الفلك له، بل ولا يمكنه أن يدفع لزومه عنه، فالتولد الذي يثبتونه أبلغ من التولد الموجود في الخلق، ولا يقولون : إنه اتخذ ولدا بقدرته، فإنه لا يقدر/ عندهم على تغيير شيء من العالم، بل ذلك لازم له لزوما، حقيقته أنه لم يفعل شيئًا؛ بل ولا هو موجود، وإن سموه علة ومعلولا، فعند التحقيق لا يرجعون إلى شيء محصل، فإن في قولهم من التناقض والفساد أعظم مما في قول النصارى.


الصفحة التالية
Icon