وقد زعم بعضهم أن هذا يخالف دين المسلمين؛ فإن الآخرة لا تكليف فيها، وليس كما قال، إنما ينقطع التكليف إذا دخلوا دار الجزاء ـ الجنة أو النار ـ وإلا فهم في قبورهم ممتحنون ومفتونون، يقال لأحدهم : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ وكذلك في عرصات القيامة يقال : ليتبع كل قوم ماكانوا يعبدون، فيتبع من كان يعبد الشمسَ الشمسَ، ومن كان يعبد القمرَ القمرَ، ومن كان يعبد الطواغيتَ الطواغيتَ، وتبقي هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم اللّه في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة، ويقول : أنا ربكم، فيقولون : نعوذ باللّه منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا. وفي رواية : فيسألهم ويثبتهم، وذلك امتحان لهم، هل يتبعون غير الرب الذي عرفوا أنه اللّه الذي تجلى لهم أول مرة ؟ فيثبتهم اللّه ـ تعالى ـ عند هذه المحنة، كما يثبتهم في فتنة القبر، فإذا لم يتبعوه لكونه أتى في غير الصورة التي يعرفون، أتاهم حينئذ في الصورة التي يعرفون فيكشف عن ساق، فإذا رأوه خروا له سجدًا، إلا من كان منافقًا، فإنه يريد السجود فلا يستطيعه، يبقى ظهره مثل الطبق. وهذا المعنى مستفيض عن النبي ﷺ في عدة أحاديث ثابتة من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد، وقد أخرجاهما في الصحيحين، ومن حديث جابر. وقد رواه مسلم من حديث ابن مسعود، وأبي موسى، وهو معروف من رواية أحمد وغيره، فدل/ذلك على أن المحنة إنما تنقطع إذا دخلوا دار الجزاء، وأما قبل دار الجزاء امتحان وابتلاء.