وكان الذين امتحنوا أحمد وغيره من هؤلاء الجاهلين، فابتدعوا كلامًا متشابهًا نفوا به الحق، فأجابهم أحمد لما ناظروه في المحنة، وذكروا الجسم ونحو ذلك، وأجابهم بإني أقول كما قال اللّه تعالى :﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ﴾، وأما لفظ الجسم فلفظ مبتدع محدث، ليس على أحد أن يتكلم به ألبتة، والمعنى الذي يراد به مجمل، ولم تبينوا مرادكم حتى نوافقكم على المعنى الصحيح، فقال : ما أدرى ما تقولون ؟ / لكن أقول :﴿ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾.
يقول : ما أدري ما تعنون بلفظ الجسم، فأنا لا أوافقكم على إثبات لفظ ونفيه، إذ لم يرد الكتاب والسنة بإثباته ولا نفيه، إن لم نَدْرِ معناه الذي عناه المتكلم، فإن عني في النفي والإثبات ما يوافق الكتاب والسنة وافقناه، وإن عني ما يخالف الكتاب والسنة في النفي والإثبات لم نوافقه.
ولفظ [ الجسم ] و [ الجوهر ] ونحوهما لم يأت في كتاب اللّه ولا سنة رسوله، ولا كلام أحد ـ من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسائر أئمة المسلمين ـ التكلم بها في حق اللّه ـ تعالى ـ لا بنفي ولا إثبات؛ ولهذا قال أحمد في رسالته إلى المتوكل : لا أحب الكلام في شيء من ذلك إلا ما كان في كتاب اللّه، أو في حديث عن رسول صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة أو التابعين لهم بإحسان، وأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود.