وذكر ـ أيضًا ـ فيما حكاه عن الجهمية أنهم يقولون : ليس فيه كذا ولا كذا ولا كذا، وهو كما قال، فإن لفظ الجسم له في اللغة التي نزل بها القرآن معنى، كما قال تعالى :﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ﴾ [ المنافقون : ٤ ]، وقال تعالى :﴿ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ﴾ [ البقرة : ٢٤٧ ]. قال ابن عباس : كان طالوت أعلم بنى إسرائيل بالحرب، وكان يفوق الناس بمنكبيه وعنقه ورأسه، والبسطة : السعة. قال ابن قتيبة : هو من قولك : بسطت الشيء، إذا كان مجموعا ففتحته ووسعته. قال بعضهم : والمراد بتعظيم الجسم : فضل القوة؛ إذ العادة أن من كان أعظم جسمًا كان أكثر قوة، فهذا لفظ الجسم في لغة العرب التي نزل بها القرآن. قال الجوهري : قال أبو زيد الأنصاري الجسم : الجسد، وكذلك الجسمان والجثمان. وقال الأصمعي : الجسم، والجسد، والجثمان الشخص. وقال جماعة : جسم الإنسان يقال له : الجثمان، وقد جسم الشيء، أي : عظم، فهو جسيم وجسام، والجِسَامُ ـ بالكسر ـ جمع جسيم. قال أبو عبيدة : تجسمت فلانا من بين القوم، أي : اخترته، كأنك قصدت جسمه. كما تقول : تأتيته، أي : قصدت أتيه وشخصه، وأنشد أبو عبيدة :
تَجَسَّمْتُهُ من بينهن بمرهف **
وتَجَسَّمْتُ الأرضَ : إذا أخذت نحوها تُريدُها، وتَجَسَّمَ من الجسم. وقال ابن السكيت : تَجَسَّمْتُ الأمر، أي : ركبت أجسمه وجسيمه، أي معظمه، قال : وكذلك تَجَسَّمْتُ الرَّمْلَ والجَبَلَ، أي : ركبت أعظمه، والأجْسَمُ : الأضخم. قال عامر بن الطفيل :
لقد علم الحىُّ من عامرٍ ** بأن لنا الذِّرْوَةَ الأجْسَما


الصفحة التالية
Icon