وقد سمى الله نفسه عليمًا، حليمًا، رؤوفًا، رحيمًا، سميعًا، بصيرًا، عزيزًا، ملكًا، جبارًا، متكبرًا، مؤمنًا، عظيمًا، كريمًا، غنيًا، شكورًا، كبيرًا، حفيظًا، شهيدًا، حقًا، وكيلًا، وليًا، وسمى ـ أيضًا ـ بعض مخلوقاته بهذه الأسماء، فسمى الإنسان سميعًا بصيرًا، وسمى نبيه رؤوفًا رحيمًا، وسمى بعض عباده ملكًا، وبعضهم شكورًا، وبعضهم عظيمًا، وبعضهم حليمًا وعليمًا، وسائر ما ذكر من الأسماء مع العلم بأنه ليس المسمى بهذه الأسماء من المخلوقين مماثلًا للخالق جل جلاله في شيء من الأشياء.
وكذلك النزاع في لفظ التحيز والجهة ونحو ذلك، فمن الناس من يقول : هو متحيز، وهو في جهة. ومنهم من يقول : ليس بمتحيز، وليس في جهة. ومنهم من يقول : هو في جهة وليس بمتحيز، ولفظ المتحيز يتناول الجسم، والجوهر الفرد، ولفظ الجوهر قد يراد به /المتحيز، وقد يراد به الجوهر الفرد، ومن الفلاسفة من يَدَّعى إثبات جواهر قائمة بأنفسها غير متحيزة. ومتأخرو أهل الكلام ـ كالشهرستانى والرازي والآمدى ونحوهم ـ يقولون : ليس في العقل ما يحيل ذلك؛ ولهذا كان من سلك سبيل هؤلاء ـ وهو إنما يثبت حدوث العالم بحدوث الأجسام ـ يقول بتقدير وجود جواهر عقلية، فليس في هذا الدليل ما يدل على حدوثها؛ ولهذا صار طائفة ممن خلط الكلام بالفلسفة إلى قِدَمِ الجواهر العقلية، وحدوث الأجسام، وأن السبب الموجب لحدوثها هو حدوث تصور من تصورات النفس، وبعض أعيان المصنفين كان يقول بهذا.
وكذلك الأرموى ـ صاحب [ اللباب ] ـ الذي أجاب عن شبهة الفلاسفة على دوام الفاعلية المتضمنة : أنه لابد للحدوث من سبب، فأجاب بالجواب الباهر الذي أخذه من كلام الرازي في [ المطالب العالية ] فإنه أجاب به، وهو في [ المطالب العالية ] يخلط كلام الفلاسفة بكلام المتكلمين، وهو في مسألة الحدوث والقدم حائر، وهذا الجواب من أفسد الأجوبة.


الصفحة التالية
Icon