فقال لمعاذ : ليكن أول ما تدعوهم إليه التوحيد، ومع هذا كانوا من أهل الكتاب، كانوا يهودًا، فإن اليهود كانوا كثيرين بأرض اليمن، وهذا الذي أمر به معاذا موافق لقوله تعالى :﴿ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ التوبة : ٥ ]، وفي الآية الأخرى :﴿ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [ التوبة : ١١ ]، وهذا مطابق لقوله تعالى :﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [ البينة : ٥ ]. وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم/ أنه قال :( الإيمان بضعٌ وستون، أو بضع وسبعون شعبة : أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ).
فالمقصود أن معرفة ما جاء به الرسول وما أراده بألفاظ القرآن والحديث هو أصل العلم والإيمان والسعادة والنجاة، ثم معرفة ما قال الناس في هذا الباب لينظر المعانى الموافقة للرسول والمعانى المخالفة لها.