ثم هم في هذه النصوص بحسب عقائدهم، فإن كانوا من القدرية قالوا : النصوص المثبتة لكون العبد فاعلاً محكمة، والنصوص المثبتة لكون الله ـ تعالى ـ خالق أفعال العباد أو مريدًا لكل ما وقع نصوص متشابهة لا يعلم تأويلها إلا الله، إذا كانوا ممن لا يتأولها، فإن عامة الطوائف منهم من يتأول ما يخالف قوله، ومنهم من لا يتأوله. وإن كانوا من الصفاتية المثبتين للصفات التي زعموا أنهم يعلمونها بالعقل دون الصفات الخبرية ـ مثل كثير من متأخرى الكُلابية، كأبي المعالي في آخر عمره، وابن عقيل في كثير من كلامه ـ قالوا عن النصوص المتضمنة للصفات التي لا تعلم عندهم بالعقل : هذه نصوص متشابهة لا يعلم تأويلها إلا الله، وكثير منهم يكون له قولان وحالان، تارة يتأول ويوجب التأويل أو يجوزه، وتارة يحرمه، كما يوجد لأبي المعالي ولابن عقيل ولأمثالهما من اختلاف الأقوال.
ومن أثبت العلو بالعقل، وجعله من الصفات العقلية ـ كأبي محمد بن كُلاب، وأبي الحسن بن الزاغوني، ومن وافقه، وكالقاضي أبي/يعلى في آخر قوليه، وأبي محمد ـ أثبتوا العلو، وجعلوا الاستواء من الصفات الخبرية التي يقولون : لا يعلم معناها إلا الله. وإن كانوا ممن يرى أن الفوقية والعلو ـ أيضًا ـ من الصفات الخبرية، كقول القاضي أبي بكر، وأكثر الأشعرية، وقول القاضي أبي يعلى في أول قوليه، وابن عقيل في كثير من كلامه، وأبي بكر البيهقي، وأبي المعالي وغيرهم ومن سلك مسلك أولئك. وهذه الأمور مبسوطة في موضعها.