وأيضًا، فالله إنما أخبر أنه علمه تأويل الرؤيا، قال يعقوب عليه السلام :﴿ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ﴾ [ يوسف : ٦ ]، وقال يوسف عليه السلام :﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ﴾ [ يوسف : ١٠١ ]، وقال :﴿ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ ﴾ [ يوسف : ١٠٠ ]، ولما رأي الملك الرؤيا قال له الذي ادكر بعد أمة :﴿ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ﴾ [ يوسف : ٤٥ ]، والملك قال :﴿ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ ﴾ [ يوسف : ٤٣، ٤٤ ]، فهذا لفظ التأويل في مواضع متعددة كلها بمعنى واحد.
وقال تعالى :﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [ النساء : ٩٥ ]، قال مجاهد وقتادة : جزاءًا وثوابا. وقال السدى وابن زيد وابن قتيبة والزجاج : عاقبةً. وعن ابن زيد ـ أيضًا ـ : تصديقًا، كقوله :﴿ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ ﴾ وكل هذه الأقوال صحيحة، والمعنى واحد، وهذا تفسير/ السلف أجمعين، ومنه قوله :﴿ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [ الكهف : ٧٨ ]، فلما ذكر له ما ذكر قال :﴿ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [ الكهف : ٨٢ ]، وهذا تأويل فعله ليس هو تأويل قوله، والمراد به عاقبة هذه الأفعال بما يؤول إليه ما فعلته من مصلحة أهل السفينة، ومصلحة أبوي الغلام، ومصلحة أهل الجدار.


الصفحة التالية