وأما قول بعضهم : ردكم إلى الله والرسول أحسن من تأويلكم، فهذا قد ذكره الزجاج عن بعضهم، وهذا من جنس ما ذكر في تلك الآية في لفظ التأويل، وهو تفسير له بالاصطلاح الحادث، لا بلغة القرآن، فأما قدماء المفسرين فلفظ التأويل والتفسير عندهم سواء، كما يقول ابن جرير : القول في تأويل هذه الآية، أي : في تفسيرها.
ولما كان هذا معنى التأويل عند مجاهد ـ وهو إمام التفسير ـ جعل الوقف على قوله :﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ [ آل عمران : ٧ ]، فإن الراسخين في العلم يعلمون تفسيره، وهذا القول اختيار ابن قتيبة وغيره من أهل السنة. وكان ابن قتيبة يميل إلى مذهب أحمد وإسحاق. وقد بسط الكلام على ذلك في كتابه في [ المشكل ] وغيره.
وأما متأخرو المفسرين -كالثعلبي- فيفرقون بين التفسير والتأويل. قال : فمعنى التفسير : هو التنوير، وكشف المغلق من المراد بلفظه. / والتأويل : صرف الآية إلى معنى تحتمله يوافق ما قبلها وما بعدها، وتكلم في الفرق بينهما بكلام ليس هذا موضعه، إلا أن التأويل الذي ذكره هو المعنى الثالث المتأخر، وأبو الفرج ابن الجوزي يقول : اختلف العلماء : هل التفسير والتأويل بمعنى واحد أم يختلفان ؟ فذهب قوم يميلون إلى العربية إلى أنهما بمعنى، وهذا قول جمهور المفسرين المتقدمين.