وكذلك سائر السلف ـ كابن الماجشون، وأحمد بن حنبل، وغيرهما ـ يبينون أن العباد لا يعلمون كيفية ما أخبر الله به عن نفسه، فالكيف هو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله. وأما نفس المعنى الذي بينه الله فيعلمه الناس كُلٌّ على قدر فهمه. فإنهم يفهمون معنى السمع، ومعنى البصر، وأن مفهوم هذا ليس هو مفهوم هذا، ويعرفون الفرق بينهما، وبين العليم والقدير، وإن كانوا لا يعرفون كيفية سمعه وبصره، بل الروح التي فيهم يعرفونها من حيث الجملة، ولا يعرفون كيفيتها. كذلك يعلمون معنى الاستواء على العرش، وأنه يتضمن علو الرب على عرشه، وارتفاعه عليه ـ كما فسره بذلك السلف قبلهم ـ وهذا معنى معروف من اللفظ لا يحتمل في اللغة غيره، كما قد بسط في موضعه؛ ولهذ قال مالك : الاستواء معلوم.