وأيضًا، فهو مالك لكل شيء مستول عليه، فلا يخص العرش بالاستواء وليس هذا كتخصيصه بالربوبية في قوله :﴿ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [ التوبة : ١٢٩ ]، فإنه قد يخص لعظمته، ولكن يجوز ذلك في سائر المخلوقات فيقال : رب العرش، ورب كل شيء، وأما الاستواء فمختص بالعرش، فلا يقال : استوى على العرش وعلى كل شيء، ولا استعمل ذلك أحد من المسلمين في كل شيء، ولا يوجد في كتاب ولا سنة، كما استعمل لفظ الربوبية في العرش خاصة، وفي كل شيء عامة، وكذلك لفظ الخلق ونحوه من الألفاظ التي تخص وتعم، كقوله تعالى :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾ [ العلق : ١، ٢ ]، فالاستواء من الألفاظ المختصة بالعرش، لا تضاف إلى غيره، لا خصوصًا ولا عمومًا، وهذا مبسوط في موضع آخر.
وإنما الغرض بيان صواب كلام السلف في قولهم : الاستواء معلوم، /بخلاف من جعل هذا اللفظ له بضعة عشر معنى، كما ذكر ذلك ابن عربي المعافري.