يبين هذا : أن سبب نزول هذه الآية كان قدوم نصارى نجران ومناظرتهم للنبى ﷺ في أمر المسيح، كما ذكر ذلك أهل التفسير، وأهل السيرة، وهو من المشهور، بل من المتواتر أن نصارى نجران قدموا على النبي ﷺ ودعاهم إلى المباهلة المذكورة في سورة آل عمران، فأقروا بالجزية ولم يباهلوه. وصدر آل عمران نزل بسبب ما جرى؛ ولهذا عامتها في أمر المسيح، وذكروا أنهم احتجوا بما في القرآن من لفظ [ إنا ] و [ نحن ] ونحو ذلك على أن الآلهة ثلاثة، فاتبعوا المتشابه وتركوا المحكم الذي في القرآن من أن الإله واحد ﴿ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ﴾ [ آل عمران : ٧ ]، فإنهم قصدوا بذلك الفتنة، وهي فتنة القلوب بالكفر وابتغاء تأويل لفظ [ إنا ] و [ نحن ] [ وما يعلم تأويل ] هذه الأسماء [ إلا الله ] ؛ لأن هذه الأسماء إنما تقال للواحد الذي له أعوان، إما أن يكونوا شركاء له، وإما أن يكونوا مماليك له.


الصفحة التالية
Icon