وكذلك ما أخبر الله به في الجنة من المطاعم والمشارب والملابس، كاللبن والعسل والخمر والماء، فإنا لا نعرف لبنًا إلا مخلوقًا من ماشية/ يخرج من بين فَرْثٍ ودم، وإذا بقى أيامًا يتغير طعمه، ولا نعرف عسلاً إلا من نحل تصنعه في بيوت الشمع المسدسة، فليس هو عسلاً مصفي، ولا نعرف حريرًا إلا من دود القز، وهو يبلى، وقد علمنا أن ما وعد الله به عباده ليس مماثلاً لهذه، لا في المادة، ولا في الصورة والحقيقة، بل له حقيقة تخالف حقيقة هذه، وذلك هو من التأويل الذي لا نعلمه نحن. قال ابن عباس : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء.
لكن يقال : فالملائكة قد تعلم هذا، فيقال : هي لا تعلم ما لم يخلق بعد ولا تعلم كل ما في الجنة. وأيضًا، فمن النعم ما لا تعرفه الملائكة، والتأويل يتناول هذا كله. وإذا قدرنا أنها تعرف ما لا نعرفه، فذاك لا يكون من المتشابه عندها، ويكون من المتشابه عندنا؛ فإن المتشابه قد يراد به ما هو صفة لازمة للآية، وقد يراد به ما هو من الأمور النسبية، فقد يكون متشابهًا عند هذا ما لا يكون متشابهًا عند هذا.


الصفحة التالية
Icon