وكلام الإمام أحمد وغيره من السلف يحتمل أن يراد به هذا، فإن أحمد ذكر في رده على الجهمية : أنها احتجت بثلاث آيات من المتشابه : قوله تعالى :﴿ وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ ﴾ [ الأنعام : ٣ ]، وقوله :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [ الشورى : ١١ ]، وقوله :﴿ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ﴾ [ الأنعام : ١٠٣ ]، وقد فسر أحمد قوله :/ ﴿ وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ ﴾. فإذا كانت هذه الآيات مما علمنا معناها لم تكن متشابهة عندنا، وهي متشابهة عند من احتج بها، وكان عليه أن يردها هو إلى ما يعرفه من المحكم، وكذلك قال أحمد في ترجمة كتابه الذي صنفه في الحبس، وهو [ الرد على الزنادقة والجهمية ] فيما شكت فيه من متشابه القرآن، وتأولته على غير تأويله، ثم فسر أحمد تلك الآيات آية آية، فبين أنها ليست متشابهة عنده بل قد عُرِفَ معناها. وعلى هذا فالراسخون في العلم يعلمون تأويل هذا المتشابه، الذي هو تفسيره، وأما التأويل الذي هو الحقيقة الموجودة في الخارج فتلك لا يعلمها إلا الله، ولكن قد يقال : هذا المتشابه الإضافي ليس هو المتشابه المذكور في القرآن، فإن ذلك قد أخبر الله أنه لا يعلم تأويله إلا الله، وإنما هذا كما يشكل على كثير من الناس آيات لا يفهمون معناها، وغيرهم من الناس يعرف معناها وعلى هذا فقد يجاب بجوابين :


الصفحة التالية
Icon