وقد قال كثير من السلف : إن المحكم ما يعمل به، والمتشابه ما يؤمن به، ولا يعمل به، كما يجىء في كثير من الآثار، ونعمل بمحكمه، ونؤمن بمتشابهه، وكما جاء عن ابن مسعود وغيره في قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ﴾ [ البقرة : ١٢١ ]، قال : يحللون حلاله، ويحرمون حرامه، ويعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه. وكلام السلف في ذلك يدل على أن التشابه أمر إضافي، فقد يشتبه على هذا ما لا يشتبه على هذا، فعلى كل أحد أن يعمل بما استبان له، وَيَكِلُ ما اشتبه عليه إلى الله، كقول أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ في الحديث الذي رواه/الثورى عن مغيرة ـ وليس بشيء ـ عن أبي العالية، قال : قيل لأبي بن كعب : أوصنى، فقال : اتخذ كتاب الله إمامًا، ارض به قاضيًا، وحاكمًا، هو الذي استخلف فيكم رسوله شفيع مطاع، وشاهد لا يتهم، فيه خبر ما قبلكم، وخبر ما بينكم، وذكر ما قبلكم، وذكر ما فيكم. وقال سفيان، عن رجل سماه، عن ابن أبزى، عن أبي قال : فما استبان لك فاعمل به، وما شبه عليك فآمن به، وكِلْهُ إلى عالمه.
فمنهم من قال : المتشابه هو المنسوخ، ومنهم من جعله الخبريات مطلقًا، فعن قتادة والربيع والضحاك والسدى : المحكم : الناسخ الذي يعمل به، والمتشابه : المنسوخ يؤمن به ولا يعمل به. وكذلك في تفسير العوفي عن ابن عباس. وأما تفسير الوالبى عن ابن عباس فقال : محكمات : القرآن ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه، وما يؤمن به، ويعمل به. والمتشابهات : منسوخه، ومقدمه، ومؤخره، وأمثاله، وأقسامه، وما يؤمن به ولا يعمل به.


الصفحة التالية
Icon