وابن قتيبة هو من المنتسبين إلى أحمد وإسحاق والمنتصرين لمذاهب السنة المشهورة، وله في ذلك مصنفات متعددة. قال فيه صاحب كتاب [ التحديث بمناقب أهل الحديث ] وهو أحد أعلام الأئمة والعلماء والفضلاء، أجودهم تصنيفًا، وأحسنهم ترصيفًا، له زهاء ثلاثمائة مصنف، وكان يميل إلى مذهب أحمد، وإسحاق، وكان معاصرًا لإبراهيم الحربي، ومحمد بن نصر المروزي، وكان أهل المغرب يعظمونه، ويقولون : من استجاز الوقيعة في ابن قتيبة يتهم بالزندقة، ويقولون : كل بيت ليس فيه شيء من تصنيفه فلا خير فيه. قلت :/ويقال : هو لأهل السنة مثل الجاحظ للمعتزلة، فإنه خطيب السنة، كما أن الجاحظ خطيب المعتزلة.
وقد نقل عن ابن عباس ـ أيضًا ـ القول الآخر، ونقل ذلك عن غيره من الصحابة، وطائفة من التابعين، ولم يذكر هؤلاء على قولهم نصًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصارت مسألة نزاع، فترد إلى الله وإلى الرسول، وأولئك احتجوا بأنه قرن ابتغاء الفتنة بابتغاء تأويله، وبأن النبي ﷺ ذم مبتغى المتشابه، وقال :( إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم )، ولهذا ضرب عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ صبيغ بن عسل لما سأله عن المتشابه، ولأنه قال :﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ﴾ [ آل عمران : ٧ ]، ولو كانت الواو واو عطف مفرد على مفرد لا واو الاستئناف التي تعطف جملة على جملة، لقال : ويقولون.