وأيضًا، فإن الله ـ تعالى ـ قال :﴿ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ [ آل عمران : ٧ ]، وهذه الحروف ليست آيات عند جمهور العلماء، وإنما يعدها آيات الكوفيون.
وسبب نزول هذه الآية الصحيح، يدل على أن غيرها ـ أيضًا ـ متشابه، ولكن هذا القول يوافق ما نقل عن اليهود من طلب علم المدد من حروف الهجاء.
والرابع : أن المتشابه ما اشتبهت معانيه. قال مجاهد : وهذا يوافق قول أكثر العلماء، وكلهم يتكلم في تفسير هذا المتشابه، ويبين معناه.
والخامس : أن المتشابه ما تكررت ألفاظه، قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال : المحكم : ما ذكر اللّه ـ تعالى ـ في كتابه من قصص الأنبياء ففصله وبينه، والمتشابه : هو ما اختلفت ألفاظه في قصصهم عند التكرير كما قال في موضع من قصة نوح :﴿ احْمِلْ فِيهَا ﴾ [ هود : ٤٠ ]. وقال في موضع آخر :﴿ فَاسْلُكْ فِيهَا ﴾ [ المؤمنون : ٢٧ ]، وقال : في عصا موسى :﴿ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ﴾ [ طه : ٢٠ ]، وفي موضع آخر :﴿ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ [ الشعراء : ٣٢ ]، وصاحب هذا لقول جعل المتشابه اختلاف اللفظ مع اتفاق المعنى، كما يشتبه على حافظ القرآن هذا اللفظ بذك اللفظ، وقد صنف بعضهم في هذا المتشابه؛ لأن القصة الواحدة يتشابه معناها في الموضعين، فاشتبه على القارئ أحد اللفظين بالآخر، وهذا التشابه لا ينفي معرفة المعاني بلا ريب، ولا يقال في مثل هذا : إن الراسخين يختصون بعلم تأويله، فهذا القول إن كان صحيحًا كان حجة لنا وإن كان ضعيفًا لم يضرنا.
والسادس : أنه ما احتاج إلى بيان كما نقل عن أحمد.