والصواب : أنه نسبة إلى الأمة، كما يقال : عامى نسبة إلى العامة التي لم تتميز عن العامة بما تمتاز به الخاصة، وكذلك هذا لم يتميز عن الأمة بما يمتاز به الخاصة من الكتابة والقراءة، ويقال : الأمى لمن لا يقرأ ولا يكتب كتابًا، ثم يقال لمن ليس لهم كتاب منزل من اللّّه يقرؤونه وإن كان قد يكتب ويقرأ ما لم ينزل، وبهذا المعنى كان العرب كلهم أميين، فإنه لم يكن عندهم كتاب منزل من اللّه، قال اللّه تعالى :﴿ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ ﴾ [ آل عمران : ٢٠ ] وقال :﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ ﴾ [ الجمعة : ٢ ]، وقد كان في العرب كثير ممن يكتب ويقرأ المكتوب، وكلهم أميون، فلما نزل القرآن عليهم لم يبقوا أميين باعتبار أنهم لا يقرؤون كتابًا من حفظهم، بل هم يقرؤون القرآن من حفظهم، وأناجيلهم في صدورهم، لكن بقوا أميين باعتبار أنهم لا يحتاجون إلى كتابة دينهم، بل قرآنهم محفوظ في قلوبهم، كما /في الصحيح عن عياض بن حمار المجاشعى، عن النبي ﷺ أنه قال :( خلقت عبادي يوم خلقتهم حنفاء ـ وقال فيه ـ إنى مبتليك ومبتل بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائمًا ويقظانًا ). فأمتنا ليست مثل أهل الكتاب الذين لا يحفظون كتبهم في قلوبهم، بل لو عدمت المصاحف كلها كان القرآن محفوظا في قلوب الأمة، وبهذا الاعتبار، فالمسلمون أمة أمية بعد نزول القرآن وحفظه، كما في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما ـ عن النبي ﷺ أنه قال :( إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا ). فلم يقل : إنا لا نقرأ كتابا، ولا نحفظ، بل قال : نكتب ولا نحسب فديننا لا يحتاج أن يكتب ويحسب، كما عليه أهل الكتاب من أنهم يعلمون مواقيت صومهم وفطرهم بكتاب وحساب، ودينهم معلق بالكتب لو عدمت لم يعرفوا دينهم؛ ولهذا