وحكي لي غير واحد من أصحاب الشيوخ أنه جرى لمن استغاث بهم مثل ذلك، وحكي خلق كثير أنهم استغاثوا بأحياء وأموات فرأوا مثل ذلك. واستفاض هذا حتى عرف أن هذا من الشياطين. والشياطين تغوي الإنسان بحسب الإمكان، فإن كان ممن لا يعرف دين الإسلام أوقعته في الشرك الظاهر، والكفر المحض؛ فأمرته ألا يذكر الله، وأن يسجد للشيطان، ويذبح له، وأمرته أن يأكل الميتة والدم ويفعل الفواحش. وهذا يجري كثيرًا في بلاد الكفر المحض وبلاد فيها كفر وإسلام ضعيف، ويجري في بعض مدائن الإسلام في المواضع التي يضعف إيمان أصحابها، حتى قد جرى ذلك في مصر والشام على أنواع يطول وصفها، وهو في أرض الشرق قبل ظهور/الإسلام في التتار كثيرًا جدًا، وكلما ظهر فيهم الإسلام وعرفوا حقيقته قلت آثار الشياطين فيهم، وإن كان مسلمًا يختار الفواحش والظلم أعانته على الظلم والفواحش. وهذا كثير جدًا أكثر من الذي قبله في البلاد التي في أهلها إسلام وجاهلية وبر وفجور، وإن كان الشيخ فيه إسلام وديانة ولكن عنده قلة معرفة بحقيقة ما بعث الله به رسوله ﷺ. وقد عرف من حيث الجملة أن لأولياء الله كرامات، وهو لا يعرف كمال الولاية، وأنها الإيمان والتقوى واتباع الرسل باطنًا وظاهرًا، أو يعرف ذلك مجملًا ولا يعرف من حقائق الإيمان الباطن وشرائع الإسلام الظاهرة ما يفرق به بين الأحوال الرحمانية، وبين النفسانية والشيطانية، كما أن الرؤيا ثلاثة أقسام : رؤيا من الله، ورؤيا مما يحدث المرء به نفسه في اليقظة فيراه في المنام، ورؤيا من الشيطان.


الصفحة التالية
Icon