والمقصود ههنا أن الصحابة والتابعين له بإحسان لم يبنوا قط على قبر نبي، ولا رجل صالح مسجدًا، ولا جعلوه مشهدًا ومزارًا، ولا على شيء من آثار الأنبياء، مثل مكان نزل فيه أو صلى فيه أو فعل فيه شيئًا من ذلك، لم يكونوا يقصدون بناء مسجد لأجل آثار الأنبياء والصالحين، ولم يكن جمهورهم يقصدون الصلاة في مكان لم يقصد الرسول الصلاة فيه، بل نزل فيه أو صلى فيه اتفاقًا، بل كان أئمتهم كعمر بن الخطاب وغيره ينهي عن قصد الصلاة في مكان صلى فيه رسول الله ﷺ اتفاقًا لا قصدًا، وإنما نقل عن ابن عمر خاصة أنه كان يتحرى أن يسير حيث سار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينزل حيث نزل، ويصلي حيث صلي، وإن كان النبي ﷺ لم يقصد تلك البقعة لذلك الفعل، بل حصل اتفاقًا، وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ رجلا صالحًا شديد الاتباع، فرأي هذا من الاتباع، وأما أبوه وسائر الصحابة من الخلفاء الراشدين : عثمان وعلى وسائر العشرة وغيرهم، مثل ابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب فلم يكونوا يفعلون ما فعل ابن عمر، وقول الجمهور أصح.