وذلك أن المتابعة أن يفعل مثل ما فعل، على الوجه الذي فعل، لأجل أنه فعل، فإذا قصد الصلاة والعبادة في مكان معين كان قصد الصلاة والعبادة في ذلك المكان متابعة له، وأما إذا لم يقصد تلك البقعة فإن قصدها يكون مخالفة لا متابعة له. مثال الأول : لما قصد الوقوف والذكر والدعاء بعرفة ومزدلفة وبين الجمرتين كان قصد تلك البقاع متابعة له، وكذلك لما طاف وصلي خلف المقام ركعتين كان فعل ذلك متابعة له، وكذلك لما صعد على الصفا والمروة للذكر والدعاء كان قصد ذلك متابعة له. وقد كان سلمة بن الأكوع يتحرى الصلاة عند الأُسطوانة، قال : لأني رأيت رسول الله ﷺ يتحرى الصلاة عندها، فلما رآه يقصد تلك البقعة لأجل الصلاة كان ذلك القصد للصلاة متابعة. وكذلك لما أراد عِتْبَانُ بن مَالكٍ أن يبني مسجدًا لما عمي فأرسل إلى رسول الله ﷺ قال له : إني أحب أن تأتيني تصلي في منزلي فأتخذه مصلي. وفي رواية فقال : تعال فخط لي مسجدًا، فأتي النبي ﷺ ومن شاء من أصحابه. وفي رواية : فغدا على رسول الله ﷺ وأبو بكر الصديق حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله ﷺ فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، فقال :( أين تحب أن أصلي من بيتك ؟ ) فأشرت له إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله ﷺ فقمنا وراءه فصلى ركعتين، ثم سلم، الحديث.


الصفحة التالية
Icon