ولهذا كان السلف يكرهون الصلاة فيما يشبه ذلك، ويرون العتيق أفضل من الجديد؛ لأن العتيق أبعد عن أن يكون بني ضرارًا من الجديد الذي يخاف ذلك فيه، وعتق المسجد مما يحمد به؛ ولهذا قال :﴿ ثُمَّ مَحِلُّهَا إلى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [ الحج : ٣٣ ]، وقال :﴿ ثُمَّ مَحِلُّهَا إلى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [ آل عمران : ٩٦ ]، فإن قدمه يقتضي كثرة العبادة فيه ـ أيضًا ـ وذلك يقتضي زيادة فضله؛ ولهذا لم يستحب علماء السلف من أهل المدينة وغيرها قصد شيء من المساجد والمزارات التي بالمدينة وما حولها بعد مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا مسجد قباء؛ لأن النبي ﷺ لم يقصد مسجدًا بعينه يذهب إليه إلا هو. وقد كان بالمدينة مساجد كثيرة، لكل قبيلة من الأنصار مسجد، لكن ليس في قصده دون أمثاله فضيلة، بخلاف مسجد قباء، فإنه أول مسجد بني بالمدينة/على الإطلاق، وقد قصده الرسول ﷺ بالذهاب إليه، وصح عنه ﷺ أنه قال :( من توضأ في بيته ثم أتي مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة فيه كان كعمرة ).


الصفحة التالية
Icon