ومع هذا فلا يسافر إليه، لكن إذا كان الإنسان بالمدينة أتاه، ولا يقصد إنشاء السفر إليه بل يقصد إنشاء السفر إلى المساجد الثلاثة؛ لقوله ﷺ :( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا ) ؛ ولهذا لو نذر السفر إلى مسجد قباء لم يوف بنذره عند الأئمة الأربعة وغيرهم، بخلاف المسجد الحرام فإنه يجب الوفاء بالنذر إليه باتفاقهم، وكذلك مسجد المدينة، وبيت المقدس، في أصح قوليهم، وهو مذهب مالك وأحمد والشافعي في أحد قوليه، وفي الآخرـ وهو قول أبي حنيفةـ ليس عليه ذلك، لكنه جائز ومستحب؛ لأن من أصله أنه لا يجب بالنذر إلا ما كان واجبًا بالشرع : والأكثرون يقولون : يجب بالنذر كل ما كان طاعة لله، كما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال :( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ).
ويستحب ـ أيضًا ـ زيارة قبور أهل البقيع، وشهداء أحد، للدعاء لهم والاستغفار؛ لأن النبي ﷺ كان يقصد ذلك، مع أن/ هذا مشروع لجميع موتي المسلمين، كما يستحب السلام عليهم والدعاء لهم، والاستغفار. وزيارة القبور بهذا القصد مستحبة. وسواء في ذلك قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم. وكان عبد الله بن عمر إذا دخل المسجد يقول : السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت ثم ينصرف.