وكذلك لما صلى بهم الظهر والعصر بعرفة صلى ركعتين، كصلاته في سائر الأيام، ولم ينقل أحد أنه جهر بالقراءة يوم الجمعة في السفر، لا بعرفة ولا بغيرها، ولا أنه خطب بغير عرفة يوم الجمعة في السفر، فعلم أن الصواب ما عليه سلف الأمة وجماهيرها من الأئمة الأربعة وغيرهم، من أن المسافر لا يصلى جمعة ولا غيرها، وجمهورهم ـ أيضًا ـ على أنه لا يصلى عيدًا، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين، وهذا هو الصواب ـ أيضًا ـ فإن النبي ﷺ وخلفاءه لم يكونوا يصلون العيد إلا في المقام، لا في السفر، ولم يكن يصلى صلاة العيد إلا في مكان واحد مع الإمام يخرج بهم إلى الصحراء فيصلى هناك، فيصلى المسلمون كلهم خلفه صلاة العيد ـ كما يصلون الجمعة ـ ولم يكن أحد من المسلمين يصلى صلاة عيد في مسجد قبيلته ولا بيته، كما لم يكونوا يصلون جمعة في مساجد القبائل، ولا كان أحد منهم بمكة يوم النحر يصلى صلاة عيد على عهد النبي ﷺ وخلفائه، بل عيدهم بمنى بعد إفاضتهم من المشعر الحرام، ورمي جمرة العقبة لهم كصلاة العيد لسائر أهل الأمصار يرمون ثم ينحرون وسائر أهل/الأمصار يصلون ثم ينحرون، والنبى ﷺ لما أفاض من منى نزل بالمحَصِّبِ، فاختلف أصحابه : هل التحصيب سنة لاختلافهم في قصده هل قصد النزول به أو نزل به لأنه كان أسمح لخروجه ؟ وهذا مما يبين أن المقاصد كانت معتبرة عندهم في المتابعة.


الصفحة التالية
Icon