وإبراهيم ومحمد كل منهما خليل الله، فإنه قد ثبت في الصحاح من غير وجه عن النبي ﷺ أنه قال :( إن الله اتخذنى خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلا ). وقد ثبت في الصحيح : أن رجلًا قال للنبى ﷺ : يا خير البرية قال :( ذاك إبراهيم ). فإبراهيم أفضل الخلق بعد محمد ﷺ. وقوله :( ذاك إبراهيم ) تواضع منه، فإنه قد ثبت عنه ﷺ في الصحيح أنه قال :( أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائى يوم القيامة ولا فخر ) إلى غير /ذلك من النصوص المبينة أنه أفضل الخلق، وأكرمهم على ربه، وإبراهيم هو الإمام الذي قال فيه :﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ﴾ [ البقرة : ١٢٤ ]، وهو الأمة أي : القدوة الذي قال الله فيه :﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا ﴾ [ النحل : ١٢٠ ]، وهو الذي بوأه الله مكان البيت، وأمره أن يؤذن في الناس بالحج إليه، وقد حرم الله الحرم على لسانه، وإسماعيل نبأه معه، وهو الذبيح الذي بذل نفسه لله وصبر على المحنة، كما بينا ذلك بالدلائل الكثيرة في غير هذا الموضع، وأمه هاجر هي التي أطاعت الله ورسوله إبراهيم في مقامها مع ابنها في ذلك الوادى الذي لم يكن به أنيس، كما قال الخليل :﴿ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ﴾ [ إبراهيم : ٣٧ ].