ومن قال : إن الإمام يجب عليه قسمة العقار والمنقول مطلقًا، فقوله في غاية الضعف مخالف لكتاب الله وسنة رسوله المنقولة بالتواتر، وليس معه حجة واحدة توجب ذلك، فإن قسمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيبر تدل على جواز ما فعل، لا تدل على وجوبه، إذ الفعل لا يدل بنفسه على الوجوب، وهو لم يقسم مكة ولا شك أنها فتحت عنوة، وهذا يعلمه ضرورة من تدبر الأحاديث، وكذلك المنقول من قال : إنه يجب قسمه كله بالسوية بين الغانمين في كل غزاة، فقوله/ضعيف، بل يجوز فيه التفضيل للمصلحة، كما كان النبي ﷺ يفضل في كثير من المغازي.
والمؤلفة قلوبهم الذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غنائم خيبر فيما أعطاهم قولان : أحدهما : أنه من الخمس، والثاني : أنه من أصل الغنيمة، وهذا أظهر؛ فإن الذي أعطاهم إياه هو شيء كثير لا يحتمله الخمس، ومن قال : العطاء كان من خمس الخمس، فلم يدر كيف وقع الأمر، ولم يقل هذا أحد من المتقدمين، هذا مع قوله :( ليس لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم ). وهذا لأن المؤلفة قلوبهم كانوا من العسكر، ففضلهم في العطاء للمصلحة كما كان يفضلهم فيما يقسمه من الفيء للمصلحة.


الصفحة التالية
Icon