فإذا أريد بالقصص ونحوه المصدر الذي مسماه الفعل؛ فهو مستلزم للقول والقول تابع، وإذا أريد به نفس الكلام والقول، فهو مستلزم للفعل تابع للفعل، فالمصادر الجارية على سَنَنِ الأفعال يراد بها الفعل، كقولك : كلمته تكليما وأخبرته إخباراً، وأما ما لم يجر على سَنَنِ الفعل ـ مثل الكلام والخبر ونحو ذلك ـ فإن هذا إذا أطلق أريد به القول، وكذلك قد يقال في لفظ القصص، فإن مصدره القياسي قصًا مثل عده عدًا، ومده مدًا، وكذلك قصه قصاً، وأما قَصَصَ، فليس هو قياس مصدر المضعف ولم يذكروا على كونه مصدرًا إلا قوله :﴿ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ [ الكهف : ٦٤ ]، وهذا لا يدل على أنه مصدر، بل قد يكون اسم مصدر أقيم مقامه كقوله :﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ [ نوح : ١٧ ]، وإن جعل مصدر قص الأثر، لم يلزم أن يكون مصدر قص الحديث؛ لأن الحديث خبر ونبأ، فكان لفظ قصص كلفظ خبر ونبأ وكلام.
وأسماء المصادر في باب الكلام تتضمن القول نفسه وتدل على فعل القائل بطريق التضمن واللزوم، فإنك إذا قلت : الكلام والخبر والحديث والنبأ والقصص، لم يكن مثل قولك : التكليم والإنباء والإخبار والتحديث؛ ولهذا يقال : إنه منصوب على المفعول به، واسم المصدر ينتصب على المصدر كما في قوله :﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ [ نوح : ١٧ ]، فإذا قال : كلمته كلامًا حسنًا، وحدثته حديثًا طيبا، وأخبرته أخبارًا سارة، وقصصت عليه قصصًا صادقة ونحو ذلك، كان هذا منصوبًا على المفعول به لم يكن هذا.


الصفحة التالية
Icon