و ﴿ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ : الذي يربيهم بقدرته ومشيئته وتدبيره، وهو رب العالمين كلهم، فهو الخالق للجميع، ولأعمالهم.
و ﴿ مَلِكِ النَّاسِ ﴾ : الذي يأمرهم وينهاهم، فإن الملك يتصرف بالكلام والجماد لا ملك له، فإنه لا يعقل الخطاب، لكن له مالك، وإنما يكون الملك لمن يفهم عنه، والحيوان يفهم بعضه عن بعض، كما قال :﴿ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ ﴾ [ النمل : ١٦ ] ﴿ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ﴾ [ النمل : ١٨ ]. فلهذا كان له ملك من جنسه ومن غير جنسه، كما كان سليمان ملكهم. والإله : هو المعبود الذي هو المقصود بالإرادات والأعمال كلها، كما قد بسط الكلام على ذلك.
وقد قيل : إنما خص الناس بالذكر؛ لأنهم مستعيذون، أو لأنهم/ المستعاذ من شرهم، ذكرهما أبو الفرج، وليس لهما وجه، فإن وسواس الجن أعظم ولم يذكره، بل ذكر الناس لأنهم المستعيذون، فيستعيذون بربهم الذي يصونهم، وبملكهم الذي أمرهم ونهاهم، وبإلههم الذي يعبدونه من شر الذي يحول بينهم وبين عبادته، ويستعيذون ـ أيضًا ـ من شر الوسواس الذي يحصل في نفوس الناس منهم ومن الجنة، فإنه أصل الشر الذي يصدر منهم والذي يرد عليهم.

فصل



الصفحة التالية
Icon