ومثل هذا كثير في اللغة يكون أمران متلازمان : إما دائمًا، وإما غالبا، فيطلق الاسم عليهما، ويغلب هذا تارة وهذا تارة، وقد يقع على أحدهما مفردًا كلفظ [ النهر ] و [ القرية ] و [ الميزاب ] ونحو ذلك مما فيه حال ومحل، فالاسم يتناول مجري الماء والماء الجاري، وكذلك لفظ/القرية يتناول المساكن والسكان، ثم تقول : حفر النهر، فالمراد به المجري، وتقول : جري النهر، فالمراد به الماء، وتقول : جري الميزاب تعني الماء. وَنُصِّبَ الميزابُ تعني الخشب. وقال تعالى :﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ ﴾ [ النحل : ١١٢ ]، والمراد السكان في المكان، وقال تعالى :﴿ وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤ ]، وقال تعالى :﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ﴾ [ يوسف : ٨٢ ]، وقال تعالى :﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ﴾ [ الكهف : ٥٩ ]، وقال تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ ﴾ [ هود : ١٠٢ ]، وقال تعالى :﴿ لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾ [ الشورى : ٧ ]، وقال تعالى ﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ﴾ [ الحج : ٤٥ ]، والخاوي على عروشه : المكان لا السكان، وقال تعالى :﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ على قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا ﴾ [ البقرة : ٢٥٩ ]، لما كان المقصود بالقرية هم السكان كان إرادتهم أكثر في كتاب اللّه، وكذلك لفظ النهر لما كان المقصود