وعمر انتفع بهذا حتى إنه لما فتحت الإسكندرية وُجِدَ فيها كتبٌ كثيرة من كتب الروم، فكتبوا فيها إلى عمر، فأمر بها أن تحرق وقال : حسبنا كتاب اللّه. وروي ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل بن خليل، حدثنا علي بن مسهر، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس، عن خالد بن عُرْفُطَةَ، قال : كنت عند عمر بن الخطاب، إذ أُتِي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس. فقال له عمر : أنت فلان ابن فلان العبدي ؟ قال : نعم. قال : وأنت النازل بالسوس ؟ قال : نعم. فضربه بقناة معه، فقال له : ما ذنبي ؟ قال :/فقرأ عليه :﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ.... نَحْنُ نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إليكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [ يوسف : ١ : ٣ ]، فقرأها عليه ثلاث مرات وضربه ثلاث ضربات، ثم قال له عمر : أنت الذي انتسخت كتاب دانيال ؟ قال : نعم. قال : اذهب فامحه بالحميم والصوف الأبيض، ولا تقرأه ولا تقرئه أحدًا من الناس. فقرأ عليه عمر هذه الآية، ليبين له أن القرآن أحسن القصص فلا يحتاج معه إلى غيره. وهذا يدل على أن القصص عام لا يختص بسورة يوسف، ويدل على أنهم كانوا يعلمون أن القرآن أفضل من كتاب دانيال ونحوه من كتب الأنبياء. وكذلك مثل هذه القصة مأثورة عن ابن مسعود لما أُتِي بما كتب من الكتب محاه وذكر فضيلة القرآن كما فعل عمر ـ رضي اللّه عنهما.


الصفحة التالية
Icon