وكذلك معنى [ الشهادة ] و [ الحكم ] يتضمن إثبات ما أثبته اللّه من صدق ومحكم، وإبطال ما أبطله من كذب ومنسوخ، وليس الإنجيل مع التوراة ولا الزبور بهذه المثابة، بل هي متبعة لشريعة التوراة إلا يسيرًا نسخه اللّه بالإنجيل، بخلاف القرآن. ثم إنه معجز في نفسه لا يقدر الخلائق أن يأتوا بمثله، ففيه دعوة الرسول، وهو آية الرسول، وبرهانه على صدقه ونبوته، وفيه ما جاء به الرسول، وهو نفسه برهان على ما جاء به.
وفيه ـ أيضًا ـ من ضرب الأمثال وبيان الآيات على تفضيل ما جاء به الرسول ما لو جمع إليه علوم جميع العلماء؛ لم يكن ما عندهم إلا بعض ما في القرآن. ومن تأمل ما تكلم به الأولون والآخرون في أصول الدين والعلوم الإلهية، وأمور المعاد والنبوات، والأخلاق والسياسات والعبادات، وسائر ما فيه كمال النفوس وصلاحها وسعادتها ونجاتها، لم يجد عند الأولين والآخرين من أهل النبوات ومن أهل الرأي ـ كالمتفلسفة وغيرهم ـ إلا بعض ما جاء به القرآن.


الصفحة التالية
Icon