فصل


وفي الجملة، فدلالة النصوص النبوية والآثار السلفية والأحكام الشرعية والحجج العقلية على أن كلام الله بعضه أفضل من بعض، هو من الدلالات الظاهرة المشهورة.
وأيضًا، فإن القرآن، وإن كان كله كلام الله، وكذلك التوراة والإنجيل والأحاديث الإلهية التي يحكيها الرسول عن الله ـ تبارك وتعالى ـ كقوله :( يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) الحديث، وكقوله :( من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي )، وأمثال ذلك، هي وإن اشتركت في كونها كلام الله، فمعلوم أن الكلام له نسبتان : نسبة إلى المتكلم به، ونسبة إلى المتكلم فيه. فهو يتفاضل باعتبار النسبتين، وباعتبار نفسه أيضًا، مثل الكلام الخبري له نسبتان : نسبة إلى المتكلم المخبر، ونسبة إلى المخبر عنه المتكلَّم فيه. فـ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [ سورة الإخلاص ] و ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ﴾ [ سورة المسد ]، كلاهما كلام الله، وهما مشتركان من هذه الجهة، لكنهما متفاضلان من جهة المتكلم فيه المخبر عنه. فهذه كلام الله وخبره الذي يخبر به عن نفسه، وصفته التي يصف بها نفسه، /وكلامه الذي يتكلم به عن نفسه، وهذه كلام الله الذي يتكلم به عن بعض خلقه، ويخبر به عنه، ويصف به حاله، وهما في هذه الجهة متفاضلان بحسب تفاضل المعنى المقصود بالكلامين.


الصفحة التالية
Icon