والطائفة الثانية تقول : إن كلام الله لا يفضل بعضه على بعض، ثم لهؤلاء في تأويل النصوص الواردة في التفضيل قولان : أحدهما : أنه إنما يقع التفاضل في متعلقه، مثل كون بعضه أنفع للناس من بعض، لكون الثواب عليه أكثر، أو العمل به أخف مع التماثل في الأجر، وتأولوا قوله :﴿ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا ﴾ [ البقرة : ١٠٦ ] أي : نأت بخير منها لكم، لا أنها في نفسها خير من تلك. وهذا قول طائفة من المفسرين كمحمد بن جرير الطبري قال : نأت بحكم خير لكم من حكم الآية المنسوخة، إما في العاجل لخفته/عليكم، وإما في الآخرة لعظم ثوابه من أجل مشقة حمله. قال : والمراد ما ننسخ من حكم آية كقوله :﴿ وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ﴾ [ البقرة : ٩٣ ] أي : حبه. قال : ودل على أن ذلك كذلك قوله :﴿ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ [ البقرة : ١٠٦ ]، وغير جائز أن يكون من القرآن شيء خيرًا من شيء؛ لأن جميعه كلام الله، ولا يجوز في صفات الله ـ تعالى ـ أن يقال : بعضها أفضل من بعض، أو بعضها خير من بعض، وطرد ذلك في أسماء الله، فمنع أن يكون بعض أسمائه أعظم أو أفضل أو أكبر من بعض. وقال : معنى الاسم الأعظم : العظيم، وكلها سواء في العظمة، وإنما يتفاضل حال الناس حين الدعاء، فيكون الأعظم بحسب حال الدعاء؛ لا أنه في نفسه أعظم.


الصفحة التالية
Icon