وهذا القول الذي قاله في أسماء الله نظير القول الثاني في تفضيل بعض كلام الله على بعض، فإن القول الثاني لمن منع تفضيله أن المراد يكون هذا أفضل أو خيرًا كونه فاضلًا في نفسه؛ لا أنه أفضل من غيره. وهذا القول يحكي عن أبي الحسن الأشعري ومن وافقه، قالوا : إن معنى ذلك أنه عظيم فاضل، وقالوا : مقتضي الأفضل تقصير المفضول عنه وكلام الله لا يتبعض، وهذا يقولونه في الكلام؛ لأنه واحد بالعين عندهم يمتنع فيه تماثل أو تفاضل، وأما في الصفات بعضها على بعض فلامتناع التغاير، ولا يقولون هذا في القرآن العربي، فإن القرآن العربي عندهم مخلوق، وليس هو كلام الله على قول الجمهور منهم : قالوا : لأن الكلام/يمتنع قيامه بغير المتكلم كسائر الصفات، والقرآن العربي يمتنع عندهم قيامه بذات الله تعالى، ولو جوزوا أن يكون كلام الله قائمًا بغيره، لبطل أصلهم الذي اتفقوا عليه هم وسائر أهل السنة وردوا به على المعتزلة في قولهم : إن القرآن مخلوق، وهؤلاء يسلمون أن القرآن العربي بعضه أفضل من بعض؛ لأنه مخلوق عندهم، ولكن ليس هو كلام الله عند جماهيرهم.