ولكن يقال له : أما المقدمة الأولى فمنقولة عنهم بلا ريب، وأما المقدمة الثانية ـ وهي أن صفات الرب لا تتفاضل ـ فهل يمكنك أن تنقل عن أحد من السلف قولًا بذلك، فضلًا عن أن تنقل إجماعهم على ذلك ؟ ! ما علمت أحدًَا يمكنه أن يثبت عن أحد من السلف أنه قال ما يدل على هذا المعنى، لا بهذا اللفظ ولا بغيره، فضلًا عن أن يكون هذا إجماعًا، ولكن إن كان قال قائل ذلك ولم يبلغنا قوله، فالله أعلم. لكن الذي أقطع به -ويقطع به كل من له خبرة بكلام السلف ـ أن القول بهذا لم يكن مشهورًا بين السلف، ولا قاله واحد واشتهر قوله عند الباقين فسكتوا عنه، ولا هو معروف في الكتب التي نقل/فيها ألفاظهم بأعيانها، بل المنقول الثابت عنهم ـ أو عن كثير منهم ـ يدل على أنهم كانوا يرون تفاضل صفات الله تعالى، وهكذا من قال من أصحاب مالك أو الشافعي أو أحمد عن أهل السنة : إن القرآن لا يفضل بعضه على بعض، فإنما مستندهم : أن أهل السنة متفقون على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن كلامه من صفاته القائمة بنفسه ليس من مخلوقاته وهذا ـ أيضًا ـ صحيح عن أهل السنة.


الصفحة التالية
Icon