ثم ظنوا أن التفاضل إنما يقع في المخلوق لا في الصفات، وهذا الظن لم ينقلوه عن أحد من أئمة الإسلام كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي ولا من قبل هؤلاء؛ ولهذا شنع هؤلاء على من ظن فضل بعضه على بعض، كما دلت عليه النصوص والآثار، لظنهم أن ذلك مستلزم لخلاف مذهب أهل السنة، كما قال أبو عبد الله بن المرابط في الكلام على حديث البخاري في رده لتأويل من تأول هذا الحديث على أن هذه الصورة إذا عدلت بثلث القرآن أنها تفضل الربع منه وخمسه، وما دون الثلث فهو التفاضل في كتاب الله ـ تعالى ـ وهو صفة من صفات الله جل جلاله، وقال : فهذا لولا عذر الجهالة لحكم على قائله بالكفر؛ إذ لا يصح التفاضل إلا في المخلوقات؛ إذ صفاته كلها فاضلة في غاية الفضيلة ونهاية العلو والكرامة، فمن تنقص شيئا منها عن سائرها فقد ألحد فيها، ألا تسمعه منع ذلك بقوله تعالى :﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ﴾ [ الحجر : ٩١ ].


الصفحة التالية
Icon