ويذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال: "ما جلس إلى جنبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أثقل من الجانب الآخر".
ورأيت يومًا عند شيخنا (٩٧) قدس الله روحه رجلاً من هذا الضرب والشيخ يحمله وقد ضعفت القوى عن حمله فالتفت إلي وقال:
مجالسة الثقيل حمى الرِبْع (٩٨)، ثم قال: ولكن أدمنت أرواحنا على الحمل (٩٩)، فصارت لها عادة أو كما قال.
وبالجملة فمخالطة كل مخالف حمى الربع، ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب، وليس له بد من معاشرته ومخالطته، فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله فرجًا ومخرجًا.
القسم الرابع:
من مخالطته الهلك كله(١٠٠) ومخالطته بمنزلة أكل السم، فإذا اتفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء.
وما أكثر هذا الضرب في الناس - لا كثّرهم الله - هم أهل البدع والضلالة الصادّون عن سنة رسول الله ( الداعون إلى خلافها، فيجعلون البدعة سنة والسنة بدعة إن جردت التوحيد، قالوا: تنقصت الأولياء الصالحين وإن جردت المتابعة للرسول، قالوا: أهدرت الأئمة المتبوعين وإن وصفت الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله من غير غلو ولا تقصير، قالوا: أنت من المشبهين وإن أمرت بما أمر الله ورسوله من المعروف ونهيت عن المنكر، قالوا: أنت من المفتين وإن اتبعت السنّة وتركت ما خالفها قالوا: أنت من الملبسين وإن تركت ما أنت عليه واتبعت
(١) سينشر المجلد الأول منه في دار العاصمة بالرياض وأنا في طور إعداد المجلد الثاني.
(٢) كلاهما تُرجم له في مجلة الحكمة الغراء.
(٣) كنت أتمنى أن أطبع هذا الكتاب منذ سنين إلا أني وجدته مطبوعًا مؤخرًا فلله الحمد والمنة والكتاب نشر بتحقيق خيرٍ من تحقيقي فالحمد لله.
(٤) لا تزال نسخته المحققة في بغداد والله الميسر.
(٥) يشير إلى قوله في سورة الجن: ؟وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً؟.


الصفحة التالية
Icon