ويقول أيضاً مقررا هذا المعنى عند قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ ١: أنه لا بد مع الإثبات من النفي٢ كما يوضح هذا المعنى جليا فيقول في شرح كلمة التوحيد:
... فإن "لا" في قولك "لا إله إلا الله" هي النافية للجنس، تنفى جميع الآلهة و "إلا" حرف استثناء يفيد حصر جميع العبادة على الله عز وجل٣.
ويقول أيضاً مرسخا هذا المعنى من خلال هذا الأسلوب- أسلوب الحصر- ولكن بطريق تقديم ما حقه التأخير ما نصه: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فيها توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ فيها توحيد الألوهية: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فيها توحيد الربوبية٤.
ويوضح هذا المعنى في موضع آخر بأبسط من هذا وبه يتبين جليا اعتباره لهذا المعنى البلاغي فيقول عند نفس الآية:
فالعبادة: كمال المحبة، وكمال الخضوع، والخوف والذل، قدم. المفعول وهواه ﴿إِيَّاكَ﴾ وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة، والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، فالأول: التبرؤ من الشرك، والثاني: التبرؤ من الحول والقوة، فقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ أي إياك نوحد، ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك به في عبادته أحداً لا ملكاً ولا نبياً ولا غيرهما٥.
ويقول مرسخا هذا المعنى أيضاً بهذا الأسلوب- أسلوب الحصر- ولكن بطريق تقديم المسند إليه حيث يقول مستنبطاً من قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي

١ سورة النحل: آية: "٣٦".
٢ مؤلفات الشيخ/ القسم الرابع/ التفسير ص "٣٠٩" وقسم التحقيق ص "٢٧".
٣ مؤلفات الشيخ/ القسم الخامس/ الرسائل الشخصية رقم "١٦" ص "١٠٥، ١٠٦".
٤ مؤلفات الشيخ/ القسم الأول/ العقيدة والآداب الإسلامية/ بعض فوائد سورة الفاتحة.: ص "٣٨٣".
٥ مؤلفات الشيخ/القسم الربع/ التفسير ص "١٦".


الصفحة التالية
Icon