وقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ ١. وعقل الكلام متضمن لفهمه. ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه لا مجرد ألفاظه. فالقرآن أولى بذلك.
ولهذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يبقون مدة في حفظ السورة.
قال أنس كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا٢.
وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين. قيل: ثمان سنين. كما ذكره مالك "رحمه الله" ٣، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من "النبي صلى الله عليه وسلم" عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن، والعلم والعمل جميعا٤.
٣- ما أخرجه أحمد وابن ماجة عن عمر أنه قال: من آخر ما نزل آية الربا وأن الرسول "صلى الله عليه وسلم" قبض قبل أن يفسرها٥.
فقد دل فحوى الكلام أنه كان يفسر لهم كل ما نزل، وأنه إنما لم يفسر هذه الآية لسرعة موته بعد نزولها، وإلا لم يكن للتخصيص بها وجه٦.
٤- أن العادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه، فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم٧؟!
٢ رواه الإمام أحمد في مسنده "٣: ١٢٠".
ومعنى قوله: جد فينا أي صار ذا حظوة وقدر عظيم بيننا.
٣ أخرجه مالك في الموطأ/ كتاب القرآن/ باب ما جاء في القرآن "١: ٢٠٥" اثر "١١".
٤ أخرجه الإمام أحمد في مسنده "٥: ٤١٠" والطبري في تفسيره "١: ٨٠" تحقيق: أحمد شاكر، وابن أبي شيبة في المصنف/ كتاب فضائل القرآن/ في تعليم القرآن كم آية "٦: ١١٧" أثر "٢٩٩٢٩".
٥ أحمد في مسنده "٣٦: ١، ٥٠" وابن ماجة/ كتاب التجارات/ باب التغليظ في الربا "٢/٧٦٤" حديث "٢٢٧٦" قال الساعاتي في الفتح الرباني "١٨: ٥٤" وسنده ضعيف لانقطاعه لأن سعيد بن المسيب لم يدرك عمر لكن يعضده ما رواه البخاري عن ابن عباس قال: آخر ما نزل على رسول الله ﷺ آية الربا.
٦ الإتقان "٢٠٥: ٢".
٧ انظر مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية "٣٧".