ويقول السيوطي: الذي صح من ذلك- أي من النقل عن "النبي صلى الله عليه وسلم" في التفسير- قليل جداً بل أصل المرفوع منه في غاية القلة١.
وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بأدلة منها:
١- ما أخرجه البزار والطبري عن عائشة "رضي الله عنها" قالت:- ما كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يفسر من كتاب الله إلا أيا بعدد علمه إياهن جبريل٢.
٢- ما أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه، وغيرهم أن النبي "صلى الله عليه وسلم" دعا لابن عباس بقوله: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" ٣.
فلو كان التأويل مسموعاً كالتنزيل لما كان لتخصيص ابن عباس بهذا الدعاء فائدة٤.
٣- إنه يتعذر أن يفسر النبي "صلى الله عليه وسلم" القرآن كله، ولا يمكن ذلك إلا في آيات قلائل، والعلم بالمراد من الآيات يستنبط بأمارات ودلائل، والحكمة فيه أن الله تعالى- أراد أن يتفكر عباده في كتابه، فلم يأمر نبيه بالتنصيص على المراد في جميع آياته٥.
والرأي الذي ارتضيه بعد هذا هو ما ذهب إليه الشيخ محمد رحمه الله ومن سبقه إليه، وهو أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قد امتثل أمر ربه وبين كل ما يحتاج إلى بيان من معاني القرآن الكريم ويظهر الحق جلياً إن شاء الله تعالى إذا علمت الأمور التالية:
١- أن بيان السنة للكتاب ليس مقتصراً على تفسير كلمة قرآنية بكلمة نبوية، بل هو أعم من ذلك، فيشمل ما كان بياناً بالقول، أو الفعل، أو التقرير، أو الوصف، وكل ذلك سنة، وبها يكون البيان.
٢ تفسير الطبري "١: ٨٤" بتحقيق: أحمد شاكر.
٣ انظر مسند الإمام أحمد في مواضع منها "٢٢٦: ١" والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان "٩/٩٨" ح "٧٠١٥". والمستدرك "٣: ٥٣٤".
٤ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي "٣٣: ١".
٥ الإتقان "٣: ١٧٤".