وعليه فيمكن القول باطمئنان : إن ترجمة القرآن بيان لمعانيه سواء باللغة نفسها أم بلغة أخرى، ولذا فإن جزءا من حديثنا في البحث سيبنى على هذا الأصل، وهو أن المترجم كالمفسر لابد أن يستوفي شروط القيام بهذه المهمة الجليلة ومؤهلاتها حتى تكون ترجمته لكتاب الله صحيحة ؛ وبالتالي تؤثر في قارئها التأثير الدعوي المتوقع بإذن الله.
قال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (... ( الإسراء : ٩ ).
وقال تعالى مخبراً عن الجن أنهم لما سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم: (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم( ( الأحقاف : ٣٠).
ثانيا : العلاقة بين ترجمة القرآن وتفسيره :
يرد سؤال علمي دقيق مفاده: أتعد ترجمة القرآن نوعاً من تفسيره وبيانه أم أنها شيء مختلف عنه ؟
وقد جزم بعض الباحثين أن التفسير غير الترجمة وتكلفوا النظر في الفروق بينها لجعل كل نوع له خصائصه المستقلة(٣٠).
وفي رأيي أن التفسير والترجمة لكلام الله بمعنى واحد سواء في اللغة نفسها أو بالتعبير عنها بلغة أخرى، وكما تتمايز التفاسير باللغة الواحدة؛ تتمايز وتتفاضل الترجمات التي هي تفسير وتبيين بلغة أخرى.
يؤيد ذلك عدة أمور من أبرزها :
• الإمكان اللغوي وقدَّمنا أن لفظة الترجمة تأتي بمعنى: التبيين، والتوضيح، والتفسير، سواء باللغة نفسها أو بلغة أخرى.
• أن المسلمين في اصطلاحاتهم منذ القرون السالفة قد وجد عندهم تسمية المفسر مترجما وترجمانا، والتفسير ترجمة وترجمانا، وقد مرت الإشارة إلى ذلك آنفا.
• أنه يعبر باللغة العربية وغير العربية عن الترجمات بعبارة :(ترجمة معاني القرآن) وما معاني القرآن إلا نوع من تفسيره وبيانه الذي يعبر عنه المترجم باللغة الأخرى، كما يعبر عنه المفسر باللغة ذاتها.
ثالثا : التعبير بعبارة ( ترجمة معاني القرآن الكريم ) :