" يجب أن يعلم أن النبي ﷺ بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه؛ فقوله تعالى(لتبين للناس ما نزل إليهم( (النحل: ٤٤) يتناول هذا وهذا، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان، وعبدالله بن مسعود وغيرهما؛ أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا.
ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة، وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلَّ في أعيننا، وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين؛ قيل ثماني سنين، ذكره مالك، وذلك أن الله تعالى قال: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته( (ص: ٢٩) وقال: (أفلا يتدبرون القرآن( (النساء : ٨٢) و (محمد : ٢٤) وقال: (أفلم يدبروا القول( (المؤمنون : ٦٨) وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن، وكذلك قال تعالى: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون( (يوسف : ٢) وعقل الكلام متضمن لفهمه ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك، وأيضا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم؛ كالطب والحساب، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم"؟
٦ -…يمكن أن تخصص بعض الأوقاف للإنفاق على هذا المشروع وما يتبعه مما أشير إليه آنفاً.
المبحث الخامس : الترجمة المؤثرة في مجال الدعوة
( بالنظر إلى مضمونها )
يفترض في أي ترجمة يقوم المسلمون بإعدادها أن يكون مقصودها تبليغ معاني الكتاب الكريم ودعوة الناس إليه وإلى ما فيه من الخير والهداية والرشاد. وعليه فإن مضمون هذه الترجمة ينبغي أن يتحقق فيه شيئان رئيسان: