وروى الإمام مسلم في صحيحه(٦٢) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة).
وعليه فإننا عند توجيه ترجمة معاني القرآن الكريم إلى البيئات والأمم المختلفة ينبغي أن نضع في الاعتبار طبيعتها وظروفها وثقافتها، فما يوجه إلى البيئات الإسلامية ينبغي أن يكون غير ما يوجه إلى البيئات الكافرة، وما يوجه إلى البيئات الوثنية غير ما يوجه إلى البيئات التي فيها ديانات ذات أصول سماوية وهكذا.
ولذلك يرد النقد أحياناً على نشر ترجمة ما في بيئة غير إسلامية، على الرغم من جودتها وسلامة وجهتها، لكنها مناسبة للمسلمين أكثر من غيرهم، وبذلك تقل الاستفادة منها في غيرهم، بل قد تكون سبباً في صد غير المسلمين (٦٣).
وقد أشرنا سابقا إلى أن الترجمة التي تناسب المسلمين ينبغي أن تشمل أكثر من مجرد بيان المعنى إذ لا بد من بيان سبب هذا المعنى؛ كأن يكون مفسراً بآية أخرى فيشار إليها، أو أن يكون مما قال به -عليه الصلاة والسلام- في بيانه لأمته، أو أن يكون مما له سبب ثابت من أسباب النزول، أو يكون مما أجمع الصحابة على فهمه عن رسول الله ﷺ بهذا المعنى، أو أنه الذي تحتمله اللغة، ونحو ذلك (٦٤).
ولذلك فإنه لجعل الترجمة بالنظر إلى مضمونها أكثر تأثيراً في مجال الدعوة باعتبار ما عليه المدعو؛ يمكننا اقتراح ما يلي :
١ - أن يكون هناك أكثر من مستوى في التفسير الأساس الذي تبنى عليه الترجمات، بحيث يكون ما شاكل التفسير الميسر -مثلا- أساساً للترجمات الموجهة لغير المسلمين، ويكون هناك مستوى آخر أعلى في البيان والاستدلال والإحالات بما يناسب المسلمين.(٦٥)
أو أن يترجم التفسير الميسر الذي نوجهه لغير المسلمين، ويكون هناك ترجمة لتفاسير معروفة من مثل تفسير ابن كثير وابن سعدي نوجهها للمسلمين.