" وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك، وكانت المعاني صحيحة كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم فإن هذا جائز حسن للحاجة، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه... ولذلك يترجم القرآن والحديث لمن يحتاج إلى تفهمه إياه بالترجمة ".
بل يذهب البعض إلى أن دعوة القرآن يتوقف تبليغها وتفهيمها الأمم غير العربية على ترجمة القرآن ويستدلون بنصوص من مثل قوله تعالى: (وأوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ... (( الأنعام : ٦ )، وعليه فلا يتأتى إنذار الأمم غير العارفة بلغة القرآن إلا بترجمته إلى لغتهم (٩).
ثالثا : الترجمة الصحيحة تؤدي إلى الفهم الصحيح عن الإسلام والعكس بالعكس :
إن القيام بالترجمة الصحيحة لمعاني القرآن الكريم وفق منهج مبني على ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهم صحابته رضوان الله عليهم، يقطع الطريق على أهل الأهواء والبدع واجتهادات غير المؤهلين، وكم نشر من ترجمات تحمل ضلالات تسيء إلى الإسلام، وكانت سبباً في البعد عنه وردِّ دعوته، سواء أكان من ذلك بقصد الإساءة والتضليل (١٠) ؛ أم بسبب الجهل الذي لا ينتج إلا جهلاً.
ولقد عرفت ترجمات عديدة للقرآن الكريم إلى لغات شتى من أهمها : الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والتركية والأردية والهندية والفارسية والبشتو وغيرها؛ مليئة بالأغلاط والأخطاء الفاحشة (١١)، ولا شك أن لذلك أثره في القارئ لهذه الترجمات المغلوطة مما يكون سبباً في تشويه فهمه لهذا الدين ووحي رب العالمين، وبالتالي عدم إقباله عليه وقبوله.